حامل في شهرها السابع كانت تبيت بين أحضان الشارع: الهلال الأحمر بشرشال يحوّل “متشردة” إلى مركز دار الياسمين ببوسماعيل

هي قصة فتاة شابة في الـ 31 من عمرها، استقر بها الحال قبل أشهر بشرشال، بعدما ساقها القدر إلى الشارع بذكريات ظروف عائلية صعبة، والمجتمع هنا كعادته دائما ما يؤكد أنه غير رحيم بضحاياه، حين وقعت ضحية وحش بشري جعلها تدفع ثمن ذلك جنينا في أحشائها، لتستفيق مؤخرا على وقع حملها في شهرها السابع، متخذة محيط مسجد الرحمن مكانا للمبيت ليلا مع الانخفاض المحسوس لدرجات الحرارة، في غياب مكان يأويها كامرأة حامل تستحق الكثير من الرعاية والاهتمام، وإن كان بعض المحسنين قد التفوا حولها من جهة، إلا أن هناك ذئابا بشرية كانت تترصدها يوميا لحظة خلودها إلى النوم، ومع انتشار خبر حملها …توجّهت أنظار الكثيرين نحو طفلها بنية أخذه منها بعد ولادته !!.
المتشردة من البليدة..هي ضحية حادثة أخلاقية أفقدتها الأمل في الحياة، تاركة إياها تصارع مستقبلها المجهول، لتترامى بين أحضان شوارع تعجّ بالآفات الاجتماعية، ولم تفضّل البقاء كثيرا بدار الرحمة بحجوط، متخذة قرار المغادرة لبوسماعيل مسرح وقوعها في المحظور مع شاب هناك، قبل أن تحط الرحال بشرشال، وتصنع الحدث بمبيتها في العراء …مع مباشرتها للعلاج خاصة عند تأكد حملها بصفة رسمية، ليتحرّك الجنين في أحشائها بما يريده الشارع، مقحما الأم العزباء في رحم المعاناة وسط هذه الأجواء المريرة، متحدثة لشرشال نيوز بلسان المتحسر لواقعها وخوفها كأمّ من فقدان ابنها، ولم تستطع إيقاف دموع القهر والحرمان، بحكم الظروف التي عاشتها ولا تزال تعيشها مثلها مثل عشرات الحالات بولاية تيبازة.
الأيادي البيضاء تحرّكت ممثلة في الأسرة الطبية وعناصر الهلال الأحمر الجزائري بشرشال، قصد الالتفاف حولها وإنقاذها ونقلها لمكان يحفظ سلامتها وسلامة جنينها، ليقع الاختيار على مركز “دار الياسمين” ببوسماعيل”، والذي يحتضن بدوره النساء اللواتي هن وضع صعب، أين استقبلتها قبل ذلك المساعدة الاجتماعية بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية لشرشال “صادوق نوال”، والتي اتصلت بدورها بالمركز واطلعت على ملفها الطبي كامرأة حامل وحالة استثنائية خاصة، أما نقلها إلى هناك فكان عبر مهمّة نبيلة لـ “سلمى سلمون” و “خديجة مختاري” عن الهلال الأحمر الجزائري، وهو الثنائي الذي لطالما أثبت وجوده المعهود مع هذه الشريحة الجريحة، ودعوتها للبقاء في هذه المؤسسة المستعدة للحفاظ عليها دون المساس بابنها، عملية تمّت بنجاح هذا الأحد 24 نوفمبر وبكثير من الثناء والتقدير.
سيدعلي.هـ