ANEP: PN2500008

رئيس الحكومة الأسبق “أحمد بن بيتور” من شرشال:”نحن نعيش عهدة خامسة بدون المترشح السابق” و”علينا إعادة بناء المواطَنة لدى المواطن”

واصلت جمعية حصن شرشال أمسية هذا الخميس 25 أفريل، سلسلة حلقاتها الثقافية في إطار “المقهى الأدبي لمدينة شرشال”، أين استضافت بمكتبة البلدية رئيس الحكومة الأسبق والخبير الاقتصادي الدكتور “أحمد بن بيتور”، محاضرة كانت بعنوان “التسارع في التطور التكنولوجي- الحالة الاقتصادية في الجزائر”، وسط حضور مميز للطبقة المثقفة من أساتذة وطلبة ومختلف الوجوه المعروفة والممثلة للمجتمع المدني رجالا ونساء، قصد متابعة ما يقوله رجل تقلد مناصب عديدة بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، والمقترح حاليا على لسان الحراك الشعبي الرافض لرموز النظام الفاسدة، كحل من الحلول التي بإمكانها أن تقود المرحلة الانتقالية في ظل الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر.

الدكتور “أحمد بن بيتور” شكر كثيرا أعضاء جمعية حصن شرشال على الدعوة بالمناسبة، وبعد جولة قام بها بالمتحف العمومي الوطني بالمدينة، التحق بمكتبة البلدية متحدثا من دون مقدّمات عن الحالة الجيوستراتيجية العالمية فالعلمية والاقتصادية للبلاد، والحلول المقترحة للخروج من الأزمات التي تمر بها في السنوات الأخيرة، منوّها بالتطور العلمي الحاصل وإمكانية تخزين المعلومات، كما عرّج ثورات العالم الصناعية من البخارية، إلى الكهربائية، فثورة الرقمنة والحاسوب، إلى الثورة الرابعة ثورة الذكاء الاصطناعي، والروبوتيك ومطبعة الليزر ذات الأبعاد الثلاثة.

كما استعرض بن بيتور نسبة التمدرس فيما بعد التدرج من 2013 إلى يومنا هذا، حيث تنتقل القدرات العلمية من الغرب إلى الشرق الأقصى، فستكون حسبه سنة 2030 27% في الصين، 23% في الهند، بينما لا تتعدى 8% بالولايات المتحدة الأمريكية، ما سيحدث تحوّلات كبيرة وجذرية في النظام المعرفي، وانه لا يمكن مواجهة خطورة هذا التحوّل إلا بوجود قيادات قادرة على الابتكار وترقية سياسات جديدة مناسبة مع القوى المعرفية بين الشرق والغرب.

“غياب الأخلاق الجماعية بالمجتمع، الفساد المعمّم والعنف كوسيلة للفصل في النزاعات وسياسة “اخطي راسي” هي سبب ما نعيشه حاليا ولكن…”

واصل رئيس الحكومة الأسبق والخبير الاقتصادي “أحمد بن بيتور” محاضرته بكثير من الدقة والموضوعية، واضعا يده على الجرح “السلطة وتأثيرها على المؤسسات (الاقتصاد، السلطة، الإرث، الأبوية..)”، حين راح يتحدث عن الفساد المعمّم، غياب الأخلاق الجماعية بالمجتمع واستعمال العنف للفصل بين النزاعات بين الأشخاص أو حتى بين الأشخاص والدولة، إضافة إلى سياسة “اخطي راسي” وتأثير الشبكات الاجتماعية، كما سلط الضوء على قضية “عبادة الأشخاص” التي هي تكريس وتأسيس للفساد، فساد لا يمكن مكافحته حسبه دون تغيير هذه المؤسسات قائلا “نحن في دولة مميّعة”، ليصل إلى نتيجة ضرورة إعادة بناء المواطنة لدى المواطن.

“من 2006 والجزائر تعيش انخفاضا مستمرا في إنتاج المحروقات مقارنة بالموارد البشرية والطبيعية الهائلة الموجودة ببلدنا”

انخفاض مستمر في إنتاج المحروقات وارتفاع في نسبة الواردات (75%) وصولا لمرحلة التقشف، حالة اقتصادية غير مستقرة تنبأ بها الخبير الاقتصادي وضيف المقهى الأدبي لمدينة شرشال “أحمد بن بيتور” في مداخلات ومقالات سابقة، مؤكدا أن الوضع الاقتصادي حاليا محرج بالنظر لحجم الصادرات والمقدرة بنسبة 25%، والذي غطى عليه سعر البرميل المرتفع بنسبة 77%، وبالأرقام يؤكد ذات المتحدث وجود 76 مليار دولار استيراد من الخارج، رغم الجهود المبذولة لتخفيض فاتورات الاستيراد ما سيؤدي إلى ندرة في التموين ومنها إلى نسبة مرتفعة من التضخم، مستحضرا الموارد البشرية والطبيعية الهائلة التي تمتلكها الجزائر، والقادرة على تجاوز الأزمة في ظل تخرّج الآلاف من الجامعيين سنويا، متسائلا عن جزائر ضحّت بالملايين من الشهداء لأن تعيش حرّة مستقلة عن أياد الاستعمار الفرنسي، عن جزائر صنعت إحدى أكبر ثورتين عالميتين، عن بلد يعتبر الأوسع مساحة في إفريقيا والعرب وذي إمكانيات بشرية وطبيعية كبيرة، فما تعيشه اليوم حسبه هو نتيجة سوء التسيير داعيا لان تكون “وقفة لإعادة بناء المواطنة والمواطنين والمؤسسات، منوّها بالحراك الشعبي الذي تشهده مختلف ربوع الوطن، متفائلا بإمكانية خروجه بالبلاد لبر الأمان إن تم إرفاقه ببرنامج جديد ومثمر، مع استخلاص الدروس من الدول العربية الشقيقة كتونس ومصر على حد قوله.

“ليس لدي اتصالات مع القيادة ومستعد لتقديم المساعدة والمساهمة في ورقة طريق لحل الأزمة السياسية بالجزائر”

مجيبا على أسئلة الحاضرين…أكّد رئيس الحكومة الأسبق “أحمد بن بيتور” والرجل المقترح حاليا على لسان الحراك الشعبي للمساهمة في المرحلة الانتقالية، انه ليس لديه أيّة اتصالات مع القيادة للإشراف على هذه المرحلة، إلا انه مستعد لتقديم المساعدة والمساهمة في ورقة طريق لحل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد كواجب للوصول إلى نتيجة، وغير مستعد حسبه لأخذ مكانهم أو تولي زمام القيادة، ورقة طريق اعتبرها الحل الأمثل للوضع الراهن إن تم الرجوع إليها والمتمثلة في كتابه تحت عنوان “جزائر الأمل”، والذي عرّج فيه حول كيفية بناء البلاد والاقتصاد.

“يجب تغيير نظام الحكم بأكمله وليس الأشخاص والمرحلة تحتاج أشخاص قادرين على تجاوز ندرة التمويل”

“أحمد بن بيتور” أبدى تحسّره الشديد لسنوات “البحبوحة المالية” كانت فيها نسبة الادخار 50% دون استيراد، محمّلا مسؤولية ما وصلنا إليه للنظام القائم قائلا “القيادة التي أوصلتنا إلى هذه الحالة ليست هي القادرة على إخراجنا منها”. مؤكدا ضرورة تغيير نظام الحكم بكامله وليس الأشخاص، مرحلة تحتاج حسبه لأشخاص قادرين ويستطيعون تجاوز ندرة التمويل، وأن الجزائر بإمكانها أن تصل لما وصلت إليه الصين، وأي محروقات فيها مشاكل ستؤثر بطبيعة الحال على البلاد جراء سوء التسيير، حراك شعبي قد ياتي حسبه بتسيير جديد وفائدة على الاقتصاد الوطني.

“قدّمت استقالتي من الحكومة لأني رفضت العمل بالأوامر ونحن نعيش عهدة خامسة بدون بوتفليقة”

“قدمت استقالتي من الحكومة لان الرئيس آنذاك أراد التشريع بالأوامر ورفضت ذلك” ، هكذا ردّ “احمد بن بيتور” على احد الأسئلة التي طرحت عليه بالمناسبة، يضيف “ما دام هناك حكومة وبرلمان فليس له الحق في التشريع بالأوامر متجاوزا كل المؤسسات والهيئات”، متحدثا كذلك عن الوضع السياسي الراهن قائلا “نحن نعيش عهدة خامسة بدون المترشح السابق، ومن الضروري تفعيل المواد الأخرى وعدم الاكتفاء فقط بالمادة 102 من الدستور، لتنظيم المرحلة الانتقالية وإنقاذ المجتمع والاقتصاد والخروج من هذه الأزمة السياسية، ولا يمكن إجراء انتخابات رئاسية دون المرور بهذه المرحلة حتى يتسنى إجرائها في ظروف تنافسية لائقة”.

“الرؤساء السابقون كلهم جاؤوا بتزكية من القيادة العسكرية المطالبة بمرافقة المرحلة الانتقالية فقط”

سؤال آخر طرح إلى رئيس الحكومة الأسبق “أحمد بن بيتور” حول رأيه من موقف المؤسسة العسكرية من الحراك الشعبي الراهن، أين قال “الرؤساء السابقون (بن بلة، هواري بومدين، الشاذلي بن جديد، بوضياف، بوتفليقة) كلهم جاؤوا بتزكية من القيادة العسكرية، والمطالبة اليوم على حد قوله بمرافقة المرحلة الانتقالية وليس فرض الرئيس المترشح، ليحضَ في الأخير بتكريم خاص من طرف أعضاء جمعية حصن شرشال، الذين اجتهدوا وحضّروا لإنجاح الحدث رغم كل العراقيل والصعوبات التي واجهوها في إيجاد القاعة المناسبة لاحتضان اللقاء.

سيدعلي.هـ