هكذا يقضي الأفارقة اللاجئون فصل الشتاء بشرشال:الأمطار و برودة الطقس تقحمهم في ظروف مأساوية و تدفعهم للاستنجاد بالخيّم البلاستيكية

دخل فصل الشتاء …وانخفضت معه درجات الحرارة و بدأت ملامح برودة الطقس تتجسد، لتتوجه الأنظار إلى المتشردين و اللاجئين الأفارقة بولاية تيبازة، في صورة تعكس مليا حجم المعاناة التي يعيشونها قهرا و بعيدا عن بلدانهم الأصلية، متقلبين بين نظرات مواطنين متأثرين أشد التأثير للحالة المزرية لهؤلاء، و بين ضرورة الانتشار في أماكن حيوية لاستعطاف جيوب المارة متسلحين بأبنائهم الصغار و بكلمات بريئة، يكون الهدف منها كسب القوت و إسكات أنين الجياع.
شرشال واحدة من المدن التي عرفت نزوحا ملحوظا للاجئين الأفارقة، لتدفعهم أحوال الطقس عنوة إلى وضع خيم بلاستيكية، انتشرت على حدود المتحف الوطني العمومي و في الجهة المقابلة للسوق البلدي، و الأقواس المتواجدة بمؤسسة ابن ضيف الله
رغم الظروف المأساوية إلا أن السعادة لم تغادر يوما وجوههم
سكان مدينة شرشال مثلهم مثل باقي المواطنين تأثروا كثيرا للظروف المأساوية التي يعيشها اللاجئون الأفارقة و متضامنون معهم، إلا أنهم لم يكتشفوا بعد سر السعادة التي تغمر هؤلاء سواء بالنسبة للأطفال أو بالنسبة لأوليائهم، أين يستهدفون يوميا أصحاب السيارات المتوقفة بفعل إشارات المرور، و العمل على إقناعهم للفوز بنقود تكفيهم لسد رمقهم، وسط سعادة كبيرة لا يمكن وصفها ولا يعرف سرها إلا كل لاجئ إفريقي، فتجدهم يسرحون و يمرحون متناسين كل شيء قد يعيق صفو سعادتهم.
جراحهم تعمقت في الآونة الأخيرة …برودة الطقس و المبيت في العراء هاجسهم الوحيد
الأمراض أصبحت تهدد حياة اللاجئين الأفارقة أكثر من وقت سابق، خاصة مع الانخفاض المحسوس في درجات الحرارة و بإمكانيات و أغطية و أفرشة متواضعة، شرشال نيوز رصدت حجم معاناتهم تحت رحمة طقس بارد تكثر فيه الأمراض الصدرية و التنفسية، وبألبسة نسجت بقماش رقيق بدلا من الصوف، مع حرصهم على توفير الماء الخاص بالشرب و الغسيل في صهاريج معدودة قابلة للانتهاء في أيّة لحظة، ليرسموا انتشارهم في كامل شوارع المدينة رفقة أبنائهم، متخذين ليلا من العراء مبيتا.
من باب الإنسانية يعانون…ولكن ترك الأفرشة و الأغطية في الأرصفة لا يخدم صورة المدينة
يتّفق الجميع هنا بمدينة شرشال على أنه من باب الإنسانية يجدر تقديم المساعدة لهاته الفئة الجريحة، إلا أنهم يدركون جيّدا أن صورة المدينة من خلال مبيتهم في الشوارع و ترك أفرشتهم و أغطيتهم مرمية في الأرصفة، أمر يشوّه صورة المنطقة السياحية، خاصة تحت أقواس متوسطة بن ضيف الله و الجهة الخلفية للمتحف الوطني العمومي، مستقرين على وقع دراهم معدودات يحصلون عليها من خلال الانتشار في الأزقّة و الأرصفة، لتبقى صحّة الأطفال الصغار و الرضّع مهددة بالإصابة بأمراض خطيرة، إلى حين إيجاد حلّ لهؤلاء يبقى كلّ شيء وارد.
هـ.سيدعلي