فيما الشكوك والمعلومات المغلوطة تزعزع المواطنين: مديرية الصحة لولاية تيبازة تقطع الاتصال وترفض تنوير الرأي العام

أغلقت مديرية الصحة والسكان لولاية تيبازة قنوات الاتصال مع وسائل الإعلام والمواطنين على حدّ سواء، في هذا الظرف الحساس، مما فتح مجالا واسعا لترويج الأخبار الكاذبة والإشاعات التي تزيد المواطنين ارتباكا، مع تسجيل الولاية لحالات إصابة وحالة وفاة بفيروس كورونا.
وإن كانت السلطات العليا للبلاد قد حصرت التصريح بالإحصائيات الخاصة بوباء فروس كورونا، إلى وزارة الصحة والسكان، وهو الأمر الذي امتثلت إليه وسائل الإعلام طواعية لإدراكها بمدى حساسية الوضع، والتأثير النفسي الذي يمكن أن يمسّ المواطنين جرّاء التلاعب بالأرقام وترويج الأخبار غير المتأكّد منها. إلا أن الدور السلبي الذي تمارسه مديرية الصحة والسكان لولاية تيبازة في مجال الاتصال أدّى إلى خلق أجواء يسودها القلق والاضطراب، بعد فتحها لباب الترويج القاتل لمعلومات غير مؤكّدة ومغلوطة في الكثير من الأحيان، بالرغم من الاتصالات التي تتلقّاها من ممثلي وسائل الإعلام للتصدي لهذا الترويج، وتبقى تحت شعار “مراسلكم لا يردّ على هذه المكالمة”.
ولم يقتصر تقصير مديرية الصحة والسكان لولاية تيبازة عند حدّ الامتثال الخاطئ لتعليمات الوصاية، بعد الإجراءات الأخيرة التي اتّخذتها السلطات العمومية من خلال المجلس الأعلى للأمن وقبلها تلك التي أعلن عنها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، منها أمر وزير الاتصال باتخاذ كل الإجراءات لمنع نشر أي إحصائيات عن وضعية حالات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد خارج وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، باعتبارها “الجهة الوحيدة المخوّلة بذلك بالتنسيق مع وزارة الاتصال”. الأمر الذي يوحي بأن مديريات الصحة والسكان بالولايات هي المخوّلة الوحيدة إقليميا، للتواصل مع وسائل الإعلام، للحدّ من فوضى المعلومات المروّجة عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي أضحت مصدرا مزعجا تُشتّت الجهود المبذولة في مجالات عدّة، وهذا المنوال سارت عليه الكثير من مديريات الصحة والسكان عبر الوطن، بتكثيف جهودها الاتصالية والإعلامية، والتواصل مع وسائل الإعلام واستعمال صفحاتها في الفايسبوك لإعلام المواطنين بالجهود المبذولة، وتحسيس المواطنين وتوعيتهم من خلال هذه الصفحات بضرورة التقيّد بالإجراءات المتّخذة، إلا أنّ الصفحة الرسمية لمديرية الصحة والسكان لولاية تيبازة لم تنخرط في هذا المسعى، وظلّت منذ بداية أزمة كورونا تنشر مناوبات الأطباء والصيدليات كما كانت منذ نشأتها، دون أي جهد إضافي يتماشى والأزمة الحالية.
يسعى المتتبّعون والمواطنون بصفة عامة، لمعرفة التوزيع الجغرافي للإصابات المؤكّدة التي تُعلن عنها وزارة الصحة، من باب اتخاذ المزيد من الحذر والحيطة في المناطق والبلديات المعنية، إلا أنّ المسؤولين عن القطاع بولاية تيبازة، يتكتّمون على المعلومة بشكل مخالف لكلّ ولايات الوطن.
وكان الإعلان عن حالة الوفاة جراء فيروس كورونا في الولاية، الصادر عن وزارة الصحة قد خلق أجواءً متوتّرة، وأربك مواطني الولاية، لعدم قيام مديرية الصحة بإعطاء الحدّ الأدنى من التوضيحات عن المتوفى، ومكان إقامته، والتي من شأنها أن تضع حدّا للإشاعة التي أصبحت تشكّك في معطيات الوصاية المركزية، وتفتح باب التأويلات والقراءات التي تزعزع نفسية المواطنين وتزيد من قلقهم.
ولم يقتصر جهد إعلام المواطنين بالقدر الذي يزرع الطمأنينة ويخلق الثقة بين المواطنين والسلطات العمومية، في الكثير من ولايات الوطن على مديريات الصحة والسكان، بل اعتمد العديد من ولاة الجمهورية لإصدار بيانات توضيحية بعد تلك التي تصدرها وزارة الصحة والسكان، وهو الأمر الذي لم يحدث في ولاية تيبازة إطلاقا منذ بداية الأزمة، حيث لم يتوجّه الوالي عمر حاج موسى، بأية توضيحات للمواطنين، عبر بيانات، ولم يعقد أيّة ندوة صحفية للكشف عن الإجراءات والتدابير الوقائية، لتبقى الأسرة الإعلامية بولاية تيبازة في مواجهة المعلومات المغلوطة من جهة، وواجب تلبية حق المواطنين في الإعلام من جهة أخرى، دون توفير الحدّ الأدنى من حقّ الوصول إلى المصدر، ما جعل التشكيك يحوم حول كل المعطيات الرسمية و يطال حتى تصريحات وقرارات السلطات العليا للبلاد.
حسان خروبي